هي الفاتنة، مدينة البهجة، موطن الحب ، وبنت القصيد .. إنها منطقة حائل، عروس الشمال.. ومفتاح الصحراء.. قبلة المغامرين والمستكشفين والجسر الذي يربط شمال الجزيرة العربية بجنوبها، ودائما ما كانت حائلا منيعا عبر التاريخ، كونها تضم الجبلين الشهيرين جبل سلمى وجبل أجا.
تشتهر حائل بموقعها الاستراتيجي الذي يعود إلى عصور قديمة، حيث تقع في قلب جزيرة العرب وتبعد مسافات قريبة عن عدد من العواصم العربية. واليوم، تواصل حائل كتابة التاريخ لتصبح أرض الفرص والمستقبل، بجبالها وزعفرانها وأهلها أغلى مواردها وثرواتها.
إنجاز وراء إنجاز، هكذا هي عادة أهل حائل، أصحاب الهمم والأفكار والسبق في كل ما هو جديد ومبتكر، وكان أخر الإنجازات تتويج أمانة منطقة حائل بجائزة الحكومة الرقمي، لتخطو بقوة نحو مستقبل رقمي طموح.
هذه المنطقة الفتيه الغنية بكل شيء جميل، تتمتع بـ الجبال الشامخة والوديان الزاهرة والجمال الأخاذ، حيث تبلغ مساحتها 120,000 كم², وهي التاسعة من حيث السكان على مستوى المملكة.
وتتعاظم مكانة حائل في رسم خريطة مملكة المستقبل، بإمكانياتها الكبيرة ومواردها الهائلة؛ لتصبح ركيزة أساسية في خطط التنمية المستدامة بالمملكة، على المسارين السياحي والزراعي والصناعي والتي تجعلها أرض الفرص والمستقبل.
لوجستياً، يمكن قطع المسافة من حائل إلى العاصمة الرياض، في خمس ساعات تقريباً، بينما تحتاج إلى سبع ساعات للوصول إلى الكويت، وبغداد، وعمان. كما أنها تقع بالقرب من المدينة المنورة ومكة المكرمة، حيث تبعد عنهما من ثلاث إلى خمس ساعات تقريباً.
وتتميز حائل بخصائص جوية فريدة، إذ أظهرت الدراسات أن سماءها أصبحت وجهة رئيسية لشركات الطيران كونها أكبر نقطة تقاطع لطائرات العالم. وجغرافياً، تساهم وفرة المياه وجودة التربة في جعل حائل تتمتع بميزة حيوية في الزراعة، إذ تتميز أراضيها بالخصوبة وصلاحيتها لزراعة النخيل والقمح والأعلاف وغيرها من المحاصيل.
ومن أرضها الخصبة ينبت كل الخير فمناخها معتدل ما يؤهلها لزراعة محاصيل متنوعة ما بين غذائية وإنتاجية، فيخرج منها الفواكه والخضروات والشعير، ويخرح منها الزعفران، لذلك فهي مؤهلة لتكون سلة المملكة الغذائية، وتعزيز أمنها الغذائي.
ونجحت حائل في استثمار موقعها المثالي وثرواتها الزراعية الكبيرة في بناء مجتمع صناعي متطور ومستدام، وعملت على توطين صناعات غذائية متنوعة تشمل الحبوب والفواكه والخضروات، وكذلك البطاطس والزيتون، وهذا ما يشجع على جلب المزيد من الاستثمارات في ظل وجود بنية تحتية صناعية وتكنولوجية قوية.
كما طالتها يد الحداثة المباركة لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء _حفظهما الله_؛ لتسمو المباني الحديثة، وتمتد الطرق المتطورة وتشيد الجسور، لتسهيل حياة المواطنين وفتح أبواب الاستثمار الواعد.
تضفي هذه الخصائص، إلى جانب الموقع الاستراتيجي، لمسة فريدة على مدينة حائل، إلا أن ما يميزها بشكل خاص هو الكرم الحاتمي. فقد عُرف حاتم الطائي، الذي عاش في بلاد الجبلين، بكرمه العظيم وجوده اللامحدود.
لا تزال آثار منزل حاتم الطائي موضع اهتمام الزوار، حيث يمكنهم رؤية منزل وموقده الشهيرة التي كان يشعل فيها ناره على قمة مرتفعة ليلاحظها المارة ويكونوا ضيوفه.
يظهر الكرم في تصميم الشكل الجمالي للمنطقة، حيث توجد في ميادين الشوارع تماثيل لمبخرة ودلة عربية ترمز إلى تراث أهل المنطقة. كما تُعرف حائل بلهجتها المميزة، ومن أبرز عبارات هذه اللهجة المعبرة “حايل يا بعد حيي”.
ولا يقل جمال جبالها عن جمال أرضها، فطبيعتها مليئة بالخير وتتدفق منها الفرض السياحية والاستثمارية، ففي الأدهم، حيث ليالي القمرة وعروض الخيل، تزدهر تجربة فنية وتراثية لا تُنسى.
ومع ألحان التاريخ التي تعزفها أنامل ذهبية بموروث الأجداد وروح الهوية الثقافية في الليالي النصفية من كل شهر هجري، فيما تكتمل المتعة ويزداد الانبهار بعروض الخير لفرسان وفارسات حائل، في بداية كل شهر عربي.
وبرحلة عبر التاريخ، تأتي آلة الزمن في جبل أم سنمان، وموقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 2015، وأحد أبرز مواقع الفن الصخري في السعودية، وتزين واجهاته الصخرية بنقوش بشرية تعود إلى فترات زمنية مختلفة، حيث يرجع أقدمها لأكثر من 12 ألف سنة، إلى بدايات العصر الحجري الحديث.
وفي قلعة عيرف، على جبل عيرف، تنطق عمارة حائل، لتعكس ثراء مخزونها الحضاري من عام 1840م. وفي قرية توران، يقع منزل حائم الطائي، الكريم ابن الكرام، وهناك إرث الكرم وموطن أسطورة الجزيرة العربية، ومازالت آثار قلعته منارة شامخة في مدخل القرية لتروي أسطورة حاتمية مازالت مضرب المثل في الكرم حتى الآن، وكان يشعل ناراً على قمة جبل السمراء، تُعرف بـ”الموقدة”، لإرشاد المسافرين وعابري الطريق إلى منازله.
ولا يمكن أن ننسى مدينة فيد التاريخية، صانعة الحضارة الإسلامية القديمة، والتي كانت ثالث أهم المدن القديمة بعد الكوفة والبصرة، ملاذ الحجاج والمسافرين من الشمال نحو الجنوب.
موطن قبيلتي أسد وطيء، ويمكن للسائح مشاهدة آثار المدينة القديمة، ولا تزال أسوار حصن قصر خراش الأثري شاهدة على وقفات المسافرين، وتزودهم بالطعام والشراب في أرض فيد، التي اشتهرت بوجود عدد كبير من الآبار والبرك المائية، وشبكة قنوات ريٍّ تعود إلى الفترة الإسلامية المبكرة.
ومازالت أرض حائل تحوي المزيد من الكنوز والأسرار التي تنتظر الأيدي التي تمتد إليها لتسبر أغوارها وتُخرج ثرواتها، وستظل أرض الفرص والأحلام للجميع.
……